النشأة والتطور التاريخي للتجارة الإلكترونية
تعود البدايات الأولى للتجارة الإلكترونية إلى ما قبل ظهور شبكة الإنترنت على شكلها المعروف اليوم. كانت المعاملات الرقمية في الستينيات من القرن العشرين تُجرى عبر تقنيات تبادل البيانات إلكترونيًّا (Electronic Data Interchange – EDI) بين الشركات والمؤسسات الكبرى. وقد اقتصر ذلك على تبادل وثائق الأعمال بين الأطراف المعنية بطريقة آمنة نسبيًّا، مثل فواتير الشحن ومستندات التخليص الجمركي. وفي تلك المرحلة المبكرة، لم يكن مفهوم التجارة الإلكترونية قد تبلور تمامًا بوصفه أداة تسويقية ومبيعات عالمية، بل كان ينحصر في وظائف إدارية محدودة تسهّل التعاون بين الشركات.
مع نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات، بدأت بوادر التحوّل الفعلي مع انتشار أجهزة الحواسيب الشخصية وظهور شبكة الإنترنت وبروتوكول HTTP الذي أسهم في تطوير الشبكة العنكبوتية العالمية (World Wide Web). أتاح هذا التطوّر إمكانات هائلة لتبادل المعلومات والبيانات عبر الشبكات، ونشأت في ذلك الوقت متاجر إلكترونية بسيطة تبيع منتجاتها عبر مواقع الإنترنت. وعُدَّ موقع Amazon الذي انطلق عام 1995 وموقع eBay من الروّاد في مجال تقديم خدمات التجارة الإلكترونية للأفراد حول العالم.
تواصل تطوّر التجارة الإلكترونية بصورة متسارعة خلال عقد التسعينيات وبدايات الألفية الثالثة، تزامنًا مع ثورة التقنيات الرقمية وانتشار استخدام البطاقات الائتمانية، ومنظومات الدفع الآمنة عبر الإنترنت، والتشفير الرقمي لعمليات البيع والشراء. كما ظهرت شركات تقدّم خدمات وحلولًا متكاملة لتصميم المتاجر الإلكترونية وإدارتها واستراتيجيات التسويق الإلكتروني، حتى بات في متناول الشركات الصغيرة والمتوسطة إطلاق متاجرها الإلكترونية بسهولة.